السلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته
الشيخ احمد ياسين (لحظات الشهادة) الشيخ الذي اقام الامة وهو قعيد
"علو في الحياة وفي الممات!"
عبد العظيم بدران *
29/03/2004
بالأمس قال الشاعر "أبو الحسن الأنباري" حين وجد أمامه جثة أبي طاهر بن بقية، الوزير، مصولبة على خشبة الموت:
علو في الحياة وفي الممات لحق أنت إحدى المعجزات
وحديثا قال الشاعر المرحوم "عبد الرحيم محمود"، وهو من أبطال وشهداء فلسطين:
فإما حياةٌ تسر الصديق وإما مماتٌ يغيظ العدا !
وما العيشُ، لا عشتُ، إن لم أكن مَخُوفَ الجنابِ حرامَ الحِمى
واليوم تذهلنا هذه الشهادة الرائعة التي نالها المجاهد العظيم، بل شيخ المجاهدين بحق أحمد ياسين.
ولسان حاله:
ونفس الشريف لها غايتان ورود المنايا ونيل المنى
لم يكن من قبيل الصدفة أن تجتمع لهذا الشهيد، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا، هذه الظروف:
اليوم: الإثنين.
التوقيت: بعد صلاة الفجر.
الحال: صائما، أنهى أذكار الصباح، وورده القرآني.
كما أنه لقي ربه مقبلا غير مدبر، على درب الجهاد والاستشهاد، ولم يُلق القبضُ عليه في مخابئ تحت الأرض.
هل يا تُرى يستطيع أحد أن يشكك في أن هذه الظروف هي ظروف عادية ولا تدل على شيء؟!!
كلا، وألف كلا..
إن يوم الإثنين هو يوم وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
وقد قتل عثمان بن عفان عليه السلام صائما، فأفطر عند النبي صلى الله عليه وسلم.
واغتيل عمر بن الخطاب أيضا وهو يؤم الناس في صلاة الفجر، بعد أن تتبعه قاتله أياما ولياليَ، فلم يستطع أن يصيب منه خلوة، فكان كل حاله مع الناس في مصالحهم، فاضطر قاتله إلى طعنه وهو يؤم الناس في صلاة الفجر. وقد تتبع الصهاينة المجرمين الشيخ أحمد ياسين، لعلهم يصيبوا منه خلوة، لكنهم لم يجدوه إلا مشغولا دائما بأمور الدعوة والمتابعة والتوجيه والإرشاد والاختلاط بالناس في كافة ظروفهم، فتهوروا -كعادتهم- وأطلقوا الصواريخ المضادة للدروع على الجمع الذي كان يسير وسطه، ليتناثر لحمه ويقتل حوله سبعة، ويجرح خمسة عشر.
وإذا بالنور يبزغ مع صعود روحه إلى جنات الفردوس الأعلى، ومع طلوع الشمس، يملأ أركان الدنيا ويفضح قتلة الأنبياء والمصلحين على مر الأزمان:
نورٌ تجلى عند الموت مكرمةً ** والكونُ صاح، كأن النورَ ألحانُ!
هذي الملائكُ قد جاءت على قدرٍ ** بشراكمُ: العَليا، واللهُ منانُ
حورٌ تبدت تزهو في حرائرها ** جاءت لعُرسٍ ما أحلاهُ.. إنسانُ
(وللحوادث سلوان يسهلها) ** وما لما حل بالياسينِ سلوانُ
إلا صلاةٌ فجرًا وهو يركعها ** رغم العوائق، والأحزان أحزانُ
والصومُ يحمله للفطر في سعةٍ ** عند الكريم هناك الباب ريانُ
والذكرُ يرفعه، فردوسُ تَنظرُه ** إنا حسبناه، واللهُ ديَّانُ
ياسين: ها قد عشتَ الدهرَ غصتَهم ** ظنوا بموتك قد تمضي ولا شانُ!
كلا وربيَ إن القوم قد غفلوا ** عما تمورُ به آسادُ فرسانُ
حتْمُ القصاصِ بكم لا بد، تقضيه ** آياتُ قرآنٍ، والظلمُ بركانُ
يا من نُعِتُّم بالأنذال والقِرَدِ ** حقا فأنتم من للنعت جدرانُ[1]
شيخنا الشهيد:
"سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض.. فحسبك مني ما تكن جروح"
يا شيخنا:
"يا من يعز علينا أن نفارقهم .. وجداننا كل شيء بعدكم عدم"
هنيئا لكم، فلقد كرمكم الله أحياء وأمواتا، لأنكم عشتم لغاية عظمى، بل أكثر من ذلك: متم في سبيلها:
"على قدر أهل العزم تأتي العزائم .. وتأتي على قدر الكرام المكارم"
ولقد ملأتم جوانحنا وحنايانا بالحب والإجلال والتقدير والإكبار لما حباكم الله به من همة عالية، وجهاد شريف:
"وما حب الديار شغفن قلبي .. ولكن حب من سكن الديارا"
فلا عليك شيخنا إذا أصابتك البأساء والضراء، فالنعيم من ورائها لا شك فيه:
"والحادثات وإن أصابك بؤسها .. فهو الذي أنباك كيف نعيمها"
لقد طلبت العلياء، والشرف الرفيع، فلم تقنع بأدنى من الفردوس الأعلى:
"إذا غامرت في شرف مروم .. فلا تقنع بما دون النجوم"
وعلمت أن الشدائد حبلى بالرخاء، فصبرت واحتسبت:
"وكل شديدة نزلت بقوم .. سيأتي بعد شدتها رخاء"
اللهم اقطع أيدي وعروق الصهاينة المجرمين، واحبسهم في جلودهم، وكف أبصارهم وبصائرهم:
"شُلَّت يَمِينٌ كبَّلتكَ وحُطِّمت أيديهمُ إن حَرَّكت أطـرَافَهَا
لو تَعلَمُ الجُدرانُ أنَّكَ أنتَ لانعطَفَت حَنَانًا ليَّنت أحجَارَهَا
سَرَقُوكَ مِنَّا ويلهُم مِمَّا جَنَوا سَرقُوا النُّجومَ ومَا دَرَوا بِظَلالِهَا
ظنُّوه فِي قَيدِ الضُّلُوعِ مكبَّلاً العـقلُ نورٌ.. والجَـوَارِحُ مَا لهَا
والقلبُ يبكي حُرقَةً في إثرِهِ عِملاقَ دَعـوَتِنَا وخيرَ رِجَـالِهَا"
طبعاً صورة الشيخ هي الصورة إلي انا وضعتها (الصورة الشخصية)
اللهم كثر امثال هذا الشيخ البطل .
اللهم تغمده في رحمتك .
اللهم آمين .